مراسل فخري

2021.01.18

اعرض هذه المقالة بلغة أخرى
  • 한국어
  • English
  • 日本語
  • 中文
  • العربية
  • Español
  • Français
  • Deutsch
  • Pусский
  • Tiếng Việt
  • Indonesian


غلاف فيلم ’كيم جي يونغ المولودة عام ١٩٨٢‘. (الصورة من الجمعية الكورية لترويج الأفلام)


بقلم مراسلة كوريا.نت الفخرية المصرية منار عطية عبد الرحمن

  

لاقى فيلم ’كيم جي يونغ المولودة عام ١٩٨٢‘ اهتماماً كبيراً وقت عرضه أواخر عام ٢٠١٩، وانقسمت ردود أفعال المجتمع الكوري ما بين مؤيد ومعارض، حيث ناقش الفيلم قضية التمييز الجنسي للمرأة، واستند على بعض الأحداث من واقع حياة امرأة ثلاثينية من الطبقة المتوسطة تُدعى ’جي يونغ‘، متزوجة ولديها طفل تولت رعايته بالكامل بعد اتخاذها قراراً بترك العمل الذي تحب والتفرغ لتولي مسؤولية أسرتها.

 

يعرض الفيلم بعض اللحظات التي عاشتها جي يونغ منذ طفولتها متمثلةً في اختلاف المعاملة بينها وبين شقيقها الأصغر، في أولوية تقديم الطعام والاهتمام والتشجيع، ثم في سن المراهقة نرى موقف والدها من تعرضها للمعاكسات وإلقاء اللوم عليها والتعليق على ملابسها كمبرر لملاحقتها من قِبل المتحرشين، كذلك عند العمل في شركة لتكتشف بعد ذلك قيام أحد زملائها بتعليق كاميرا خفية في دورة المياه النسائية.

 

هذه المواقف التي تشعر كل فتاة عند مشاهدتها بالتعاطف والغضب أحياناً؛ لأنها ربما تعرضت لواحدة أو أكثر في تنقلاتها اليومية فتبدو أكثر قرباً للبطلة وتفهماً لشعورها في كل لحظة.

 

تمر كيم جي يونغ بفترة اكتئاب ما بعد الولادة وقد تزايد شعورها بالمسؤولية والضغط وتشعر أن معاناتها التي تلقتها منذ طفولتها لم تنتهي، وأنها مازالت تتعرض لبعض أنواع التمييز وانتهاك أبسط حرياتها. فقد بدا تناولها القهوة في الحديقة بهدوء شيئاً مستفزاً لأحد المارة الذي سخر منها بوصفها غير مسؤولة وتنفق مال زوجها بدون اكتراث.


جي يونغ سيدة متزوجة ولديها طفل تولت رعايته بالكامل بعد اتخاذها قراراً بترك العمل الذي تحب والتفرغ لتولي مسؤولية أسرتها. الصورة لقطة من ’فيلم كيم جي يونغ المولودة عام 1982‘. (الصورة مأخودة من الجمعية الكورية لترويج الأفلام)
 

لم تكن جي يونغ سعيدة بحياتها، برغم امتلاكها لطفلة جميلة وزوج مراعٍ وعطوف إلا أنها لطالما شعرت بالنقص وافتقادها للأحلام والطموحات. الأمر الذي كان عاملاً لدخولها في فترة تقلبات مزاجية سيئة واكتئاب متزايد، ما لاحظه الزوج -الذي يلعب دوره (جونغ يوو)- في تغيرات مفاجئة في سلوكها وانتحالها لشخصية جدتها وأمها دون وعي منها، الذي جعله يدرك أخيراً أنها ليست بخير عاطفياً وحاول قصارى جهده لمساعدتها ومواجهتها بضرورة زيارة الطبيب النفسي، والسماح لها بالعودة للعمل لتهيئة الجو النفسي المناسب، لتبدأ جي يونغ طريقها نحو العلاج.

 

في الحقيقة، أعجبني الفيلم كثيراً كما أعجب الكثير من المتابعين لاحتوائه على مشاهد تلامس القلب، بالإضافة إلى تعبيره عن المواقف التي يمكن أن تواجهها الفتيات والسيدات واعتيادهم عليها برغم ما فيها من قسوة وشعور بالتقليل تجاههم.

 

كذلك أرى أن الفيلم يعرض جوانب كثيرة وليس منحازاً لفكرة واحدة كما قد يعتقد البعض -"النسوية" وخلافها-ولكن بالتركيز على الشخصيات فقد صيغت بشكل عادل ومنطقي.

 

فبالرغم من وجود الكثير من الشباب والرجال الذين ينتقدون المرأة ويسعون لفرض الأحكام عليها طوال الوقت، إلا أننا نرى شخصية الزوج المتفهّم الذي يسعى للحفاظ على بيته وأسرته ويحاول إسعاد زوجته وتشجيعها على النجاح والتفوق، ويشعر في ذلك بالرضا والحب. وكانت شخصية أختها الكبرى ملفتة أيضاً، حيث المرأة التي اختارت أن تعيش لنفسها وتستمر بالعمل والنجاح حتى إن كان ذلك يؤثر على فرص زواجها. لكنها ليست ضعيفة ولا ترغب في التخلي عن أبسط حقوقها وتعبر عن ذلك بصراحة. أعتقد أن هذا الاختلاف يضفي لوناً يبدو أكثر واقعية.


مشهد بين كيم جي يونغ وأمها، بعد اكتشاب حالاتها النفسية. (الصورة من الجمعية الكورية لترويج الأفلام)


أما عن مشهدي المفضل فهو مشهد الأم والابنة في النهاية. لقد تأثرتُ كثيراً وشعرتُ بالشفقة على جي يونغ، كما شعرتُ بألم الأم لمعاناة صغيرتها.. كان دافئا جدا.


أظن أن كيم جي يونغ هي حكايتنا في كثير من الأحيان. كنا وما زلنا نعاني بعض التمييز والإحباط حتى من أقرب الناس. مع ذلك أتمنى أن تشعر كل فتاة بروعة تكوينها على هذه الهيئة وبهذا الشكل وبتلك القدرات، وأن تؤمن كل سيدة بأنها تتميز بكونها هي وبأنها مقبولة ومستحِقة.

  

فيلم (كيم جي يونغ المولودة عام ١٩٨٢) مأخوذ من رواية نُشرت في أكتوبر ٢٠١٦ للكاتبة "تشو نام جو"، وقد أثار كلاً منهما جدلاً واسعاً عند صدوره، ومازالت الآراء تدور حوله حتى الآن.

 

ذكرت عالمة علم المرأة "بارك ايه اون سيل" إن النساء اللواتي ولدن في عام (١٩٨٢) يعتبرن أول جيل كوري يتلقين معاملة متساوية مع الرجال من أبناء جيلهن في ذلك الوقت، ولهذا غالباً فإن كاتبة الرواية قد اختارت هذا التاريخ ليكون ممثلاً لمرحلة فاصلة في حياة النساء في كوريا، ولتكن خطوة للشعور بالمساواة والتنبيه بالأضرار النفسية الناتجة من التمييز الجنسي والضغط المجتمعي.

 

sarahoqelee@korea.kr

 

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.