بقلم مراسل كوريا.نت الفخري المصري عمرو جلال

الصور=كوريا.نت

من أكثر الأشياء التي تثير فضول السائح الأجنبي في أول زيارة لكوريا الجنوبية فضوله عن صحة حقيقة أن الكوريين يتناولون لحوم الكلاب، ويعتقد البعض أنه طبق رئيسي في قائمة طعام المطاعم الكورية.. الحقيقة أنني استمعت إلى الكثير من القصص قبل المجيء إلى كوريا، والصدمة هي أن تستطيع أن تشاهد عكس ما تتوقع! أثناء تجولك في شوارع المدن الكورية، سوف تجد أرقى وأفضل معاملة للكلاب في العالم.

وبالتجول في الشوارع أكثر يصبح من الطبيعي أن تشاهد سيدة تضع كلبًا في عربة أطفال وتسير به وهي تدثره ببطانية صغيرة بسبب خوفها عليه من البرد، أو زوجان يقتنيان خمسة أنواع من الكلاب ويعاملونها كأطفالهما. الأغرب من ذلك هو مقاهي الكلاب التي تمتلئ بالكلاب الجميلة، وتقبل العائلات الكورية على اصطحاب أطفالها للعب معها رغم أسعارها المرتفعة.

من الطبيعي أيضًا أن تستطيع أن تشاهد في الشوارع الكورية انتشارًا كبيرًا لمحلات مستلزمات وملابس الكلاب، وتجد فيها مختلف أنواع الملابس المصممة وفق أحدث صيحات الموضة.

أحد الزملاء المرافقين لي من دولة أجنبية دخل لشراء ملابس أطفال من أحد المولات الكبرى في سيئول، وبدأ في الشراء فعلاً ثم حدثت له صدمة كبيرة. أخبرته البائعة أن تلك الملابس والمستلزمات المختلفة هي للكلاب وليست للأطفال. تفاجأ وقال لها: "هل تبيعون أيضًا العطور وفرش الأسنان وفرش الشعر ونظارات الشمس والألعاب والحقائب وعربات الأطفال داخل المحل من أجل الكلاب فقط؟"، وعند سماع البائعة لسؤاله أجابت: "نعم، هي مصممة خصيصًا من أجل الكلاب فقط!".

ومن الأمور المنتشرة في كوريا منذ عدة سنوات أيضًا إعلانات صالونات التجميل والعناية الفائقة بالكلاب حيث يتم فيها إجراء أحدث قصات الموضة للشعر مع توفير حمامات مساج واستحمام خاصة للكلب أو القط الأليف والعيادات البيطرية، ولا يوجد كلاب أو قططة ضالة في كوريا.

تظهر الصورة ’خدمة العناية بالكلاب المرضى بفيروس كورونا 19 المستجد (كوفيد-19)‘ في مكتب منطقة ’سوتشو‘ في سيئول، كوريا الجنوبية.

وكان لدي سؤال آخر. كان السؤال عما إذا كان الكوريون يحبون أكل الكلاب حقًا. لذلك سألت صديقي الكوري عن هذا في محادثة. ثم أجاب على سؤالي عما إذا كان الكوريون يأكلون الكلاب في كثير من الأحيان على النحو التالي: "كان هناك أشخاص يأكلون لحوم الكلاب معتقدين أن لحم الكلاب يعطي القوة، ولكن الوضع مختلفا الآن تمامًا."

وأضاف: "أن عادة تناول لحوم الكلاب في كوريا أصبحت في طريقها للاختفاء ولا سيما في ظل الضغوط التي تمارسها جمعيات ونشطاء حقوق الحيوان في كوريا وأغلاق العديد من المجازر، وعزوف الكوريين عن تناولها."

وأكد أن معظم الكوريين اليوم لا يريدون أكل اللحوم. أولاً لحوم الكلاب غالية الثمن، وثانيًا لأن اقتناء الكلاب وتربيتها أصبح شيئًا مألوفًا ومحببًا للغاية لدي الكوريين، والكثير منهم يعتبر حيواناتهم الأليفة جزءًا من العائلة."

سألته لماذا كان الكوريون يتناولون لحومها في الماضي، وأجابني بابتسامة: "كوريا كانت من أفقر بلاد العالم في خمسينيات القرن الماضي. هل تعلم أن المواطن الكوري كان يعمل في الماضي أكثر من 15 ساعة من أجل وجبة واحدة أحيانًا؟ أكل أجدادي وآبائي كل شيء وأي شيء تقريبًا من أجل أن يعيشوا ويقيموا لنا ما نفتخر به الآن أمام العالم من معجزة اقتصادية."

واستطرد قائلاً "نعم، نحن لقد أكلنا كل شيء من البر والبحر وليس فقط لحوم الكلاب، ولكن اليوم نحن فخورون بأجدادنا وآبائنا، بسببهم اليوم لدينا أفضل أنواع الأطعمة والملابس في العالم، وعند كل عيد الشكر الكوري ’تشوسوك‘ يتجمع ملايين الكوريين إلى قبور الأجداد للصلاة ولتقديم التحية، حيث نصنع لهم أطيب وأشهى الأكلات التي كانوا يحبونها في الماضي لنقدمها لأرواحهم التي جاعت من أجلنا ومن أجل حلم كوريا قوية."

في النهاية أستطيع أن أؤكد لكم أن تناول لحوم الكلاب ليس من ثقافات الطعام الشائعة في كوريا ولا في مطاعمها، فدعك من الادعاءات العديدة والشائعات التي تنشر حول هذا الأمر. إذا أردت أن تتعلم كيف تدلل وتعتنى بكلبك، فانتقل إلى كوريا معه.

sarahoqelee@korea.kr

هذه المقالة كتبت بواسطة المراسلين الفخريين. مراسلونا الفخريون هم مجموعة من المراسلين حول العالم يشاركون شغفهم وحبهم لكوريا وثقافتها.