الثقافة

2016.04.26

   يتساءل البشر دائما "لماذا"؟

في كل لحظة من حياتهم.

وكلما واجهوا سوء حظ أو كلما وقف الحظ بجانبهم بقوة، قد يقود هذا السؤال الوحيد إلى اتجاهات جديدة ومهمة في الحياة.

إذا ولدت بإعاقات جسدية، وإذا كانت لديك صعوبات في التوازن عند المشي على قدميك، وإذا كانت لديك مشكلات في تحريك يديك، وقدميك، وفمك، وإذا كنت في حاجة إلى مساعدة الآخرين معظم الوقت، فإن مثل هذه الأسئلة يمكن أن تقود حياتك إلى اتجاه من الشك والتشاؤم.

ولكن، هذا لم يحدث في حالة ألكسندر جوليان، الفيلسوف والمؤلف السويسري الذي يشتهر بلقب "هاي تشون"، وهي كلمة معناها "بئر الحكمة".

ولد في سويسرا عام 1975، وتعرض لشلل دماغي بسبب التفاف الحبل السري حول رقبته خلال الولادة، فعانى بعد ذلك من إعاقات جسدية، ولهذا، ركز على البحث والتأمل في الحقيقة، وعلى دراسة الفلسفة طوال حياته.

Alexandre Jollien is a Swiss philosopher and author.

ألكسندر جوليان فيلسوف ومؤلف سويسري



وكتاب "فيفر سان بوركوا"، أو "الحياة بدون لماذا"، صدر في عام 2015، وهو كتاب يتناول حياة جوليان التي يتمناها، وأيضا الوسائل التي يقترحها لممارسة الحياة بهذه الطريقة.

وهو فيلسوف مشهور ومؤلف حقق نجاحا في أوروبا، وفي عام 2013، غادر إلى كوريا مع أسرته تاركا كل ما وراءه، الشهرة والحياة المزدحمة هناك، من أجل ممارسة الانعزال عن كل شيء في الحياة.

ويحتوي كتابه على أفكاره ووجهات نظره عن الحياة خلال فترة وجود في سيول.

ويعني كتاب "الحياة بدون السؤال لماذا"، الحياة بدون الوضع في الاعتبار ما يقوله الآخرون، ومشاهدة الذات بشكل حقيقي، ويعني أيضا التحرر من وجهات النظر ومن المخاوف بشأن المستقبل.

ومثل هذه الحياة ليست انعزال، ولكنه قبول حياة الإنسان بطريقة إيجابية، مع تشر الحب غير المشروط مع الآخرين.

وقال جوليان إن "الحياة بدون لماذا" يدور حول هجران كل الأفكار، والتركيز أكثر على الحاضر، بدلا من الانغماس في زمن المستقبل".

وأضاف : دخول حياة بدون سؤال لماذا يعني الاهتمام بجيراننا، وتكريس الجهد للآخرين، والكفاح من أجل إضافة مزيد من الحب والمرح لبحر الآلام الذي نعيشه".

Alexandre Jollien talks about his views on life in his book ‘Vivre sans pourquoi.’

ألكسندر جوليان يتحدث عن رأيه في الحياة في كتابه "فيفر سان بوركوا"، أو "الحياة بدون لماذا".


وما يعنيه بـ"بحر الألم" يتضمن صراعه اللانهائي ضد الإعاقة الجسدية، فبعد استقراره في سيول، قال جوليان إنه أصبح أفضل صحيا من ذي قبل، وأضاف أن المفتاح وراء تحسن صحته هو أنه تحرر من الأفكار التي تبناها عن فشل آماله".

وأضاف : "أنا رجل لدي إعاقات، ولا يمكن تجنب حقيقة أن هذا يجعلني أشعر براحة لا يمكن تخيلها"، فهو يتقبل إعاقاته الجسدية بطريقة موضوعية، ويقول : "الذي يعالجني ليس طبيبا، ولكن المرء يمكنه أن يفوز بصحة حقيقية في خضم عملية يواجه فيها كل أشكال الضعف والأمراض والمخاوف".

ولقبول حياة بطريقة نشطة وإيجابية، يجب على الناس النظر إلى حياتهم كما هي، ولتحقيق ذلك، يحتاجون إلى ينعكسوا على حياتهم، وبالنسبة لجوليان، كوريا هي المكان المناسب لهذه الممارسات، وسواء كان في قبل سيول المزدحم أو في شارع خلفي قذر، أو في حمام عام، فإنه يقوم بممارساته من الوساطة الروحية والتأمل في أي مكان بالمدينة، بغض النظر عن الزمان أو المكان.

ويضيف جوليان بشكل خاص معان أخرى إلى الحمامات العامة، فيقول : "الانعكاس هو مشاهدة العالم بدون نفسي، ونظرا لأن الناس يمكنهم مشاهدة جسدهم العارية في المرآة في الحمامات العامة، فإنه يجب علينا أن نتحرر من المخاوف تجاه عيون وطمع الآخرين، وبهذا يمكننا أن نقف أمام الإله عراة".
 
Three years ago, he left his home, putting aside his fame and busy life in Europe, and headed to Korea. Since then, he has been practicing a life of contemplation and self-discipline during his time in Seoul.

قبل ثلاث سنوات من الآن، ترك منزله، وابتعد عن الشهرة والحياة المزدحمة في أوروبا، وتوجه إلى كوريا، ومنذ ذلك الحين، ظل يمارس حياة الوساطة الروحية والانضباط الذاتي في فترة إقامته في سيول.



وما يعنيه بـ"الممارسة" هو الانضباط الذاتي ورحلة البحث عن النفس التي يقوم بها كل الباحثين عن الحقيقة.

وأطلق جوليان على نفسه لقب "مسيحي يمارس بوذية سيون"، أو "زين"، ولم يعرف نفسه بشكل خاص بوصفه شخصا يعتقد بأنه يؤمن بكل تعاليم أي من المسيحية أو البوذية.

وقال : "أولئك الذين يتبعون بوذا والمؤمنون بالمسيحية يمكنهم المشي يدا بيد في مرح في المسار نفسه في أي وقت، ويمكنهم تسلق القمم المرتفعة نفسها سويا".

وما يريده في النهاية من حياته هو السعادة، ويقول جوليان : "السعادة لا تكمن في طريقة إضافة شيء ما إلى الحياة، ولكنها قطع وتخفيف وتبسيط الظرف الحالي، فهي التعامل مع شيء يجعلني أشعر بعدم الراحة، وأن أتعرى وأعيش منفتحا".

وفيما يتصل بمساره تجاه الحياة باعتبارها تأتي ضمن روتين الحياة اليومية أيضا، قال : "واجه الصعوبات بكرامة، ولا تستسلم للتعب، والأمر لا يكمن في محاولة شيء ما عظيم، ولكنه يكمن في الالتزام بالشيء المتماثل، ومواصلة روتين الحياة اليومية بحماس حتى وإن كان ذلك عديم الأهمية".
 
المزيد عن المؤلف :

في كتبه، يتحدث جوليان عن العيش في حياة بدون الهزيمة أمام الصعوبات الجسدية، وقد كتب كتابه الأول "إيلوج دي لا فيبليس"، أو "في مديح الضعف"، عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره عام 1999، ومنذ ذلك الحين، ألف عدة كتب من بينها "لو ميتيي دوم" 2001، و"لا كونستراكسيون دي سوا آنوساج دي لا فيلوسوفي" 2010، و"بيتي تريت دي لاباندون : بانس بور أكوييه لا في تيل كيل سي بيربوز" 2011، والتي تم وضعها على رأس قائمة الكتب الأكثر مبيعا في أمازون فرنسا لمدة 32 أسبوعا.

وتعاطف القراء مع نجاحه في الانتصار على الصعوبات الجسدية، ومع أفكاره المخلصة عن الحياة، وبات يعتبر "مبشر السعادة"، وتم تقديمه كثيرا في برامج تليفزيونية وألقى محاضرات في أنحاء أوروبا.

In his books, Jollien talks about ways to live a life by accepting it as it is in an active manner. His books include 'Eloge de la faiblesse' (1999) (In Praise of Weakness), 'Le metier d'homme' (2001), 'La construction de soi un usage de la philosophie' (2010) and 'Petit traite de l’abandon: pensees pour accueillir la vie telle qu’elle se propose' (2011).

في كتبه، يتحدث جوليان عن وسائل العيش في الحياة عبر قبولها كما هي بطريقة نشطة، وهذه الكتب من بينها "إيلوج دي لا فيبليس" عام 1999 (في مديح الضعف)، و"لو ميتييه دوم" 2001، و"لا كونستراكسيون دي سوا آنوساج دي لا فيلوسوفي" 2010، و"بيتي تريت دي لاباندون : بانس بور أكوييه لا في تيل كيل سي بوربوز" 2011.


بقلم :

يون سوجونج

كوريا دوت نت

الصور من : إنتر هاوس

arete@korea.kr